الإعدام بدل الإعتقال الجريمة الأبشع خلال عام 2015

زمن برس، فلسطين: أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها السنوي بأن ما يقارب (%85) من الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا برصاص قوات الاحتلال خلال عام (2015) والبالغ عددهم ( 179 شهيدا) قد أُعدموا ميدانياً خارج نطاق القضاء.

وقالت الهيئة: "إن سلطات الاحتلال وبقرار رسمي إسرائيلي استباحت دماء الفلسطينين واستخدمت القتل العمد بدل الاعتقال، وأن معظم الشهداء كان بالإمكان اعتقالهم ولم يشكلوا خطراً على حياة الجنود كما تدعي سلطات الاحتلال".

واعتبرت الهيئة أن جنود الاحتلال أعدموا فلسطينيين بدم بارد ولمجرد الاشتباه بهم، وتصرفوا كقضاة وجلادين في آن واحد، وأن كثيرا من المشاهد التي صورت وبثت عبر وسائل الإعلام، أظهرت أن الجنود الإسرائيليين أعدموا فلسطينيين كان بالإمكان إعتقالهم والسيطرة عليهم بدل من إطلاق الرصاص عليهم.

وأضافت الهيئة: "أن عددا كبيرا من الشهداء تُركوا ساعات طويلة ينزفون حتى استشهدوا دون تقديم العلاج لهم أو نقلهم إلى المستشفيات، وفي أحيان كثيرة مُنعت سيارات الإسعاف الفلسطينية من نقل المصابين".

وتبين في عدد من حالات الشهداء بعد تسليم جثامينهم أنهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل بهم حتى الموت كحالة الشهيد مأمون الخطيب ( 16 عاما)، من سكان الدوحة قضاء بيت لحم الذي استشهد يوم 1/12/2015، وظهر على جثته علامات ضرب واضحة.

وأشارت الهيئة أن معظم الشهداء أُطلق النار عليهم من مسافات قريبة جداً بهدف قتلهم، وأن كثافة الرصاصات المصوبة نحوهم تشير إلى نية القتل والإعدام.

وذكّرت الهيئة باستخدام إسرائيل وحدات المستعربين (فرق الموت) التي أطلقت النار على معتقلين بعد اعتقالهم وإصابتهم بجروح بالغة كحالة الأسير محمد عثمان زيادة.

واتهمت الهيئة إسرائيل بإعدام الأسرى بعد إصابتهم بالرصاص وهم أحياء، وقد شوهدت عبر وسائل الإعلام عمليات التنكيل والتحريض والضرب بحق مصابين حتى الموت.

وكشفت الهيئة أن سياسة الإعدام بحق الفلسطينيين جاءت بقرارت وتعليمات وتوجيهات من الحكومة الإسرائيلية التي دعت إلى ما يسمى توسيع إطلاق النار على راشقي الحجارة واستخدام القناصة أنواع من الرصاص المتفجر والقتل في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين.

وبينت الهيئة أن دعوات الساسة الإسرائيليين إلى قتل الفلسطينيين بدل إعتقالهم بمثابة جريمة حرب وقتل متعمد خارج نطاق القضاء واستباحة الدماء على رؤوس الأشهاد، وهو ما ينتهك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربع، وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.

ولم تجري حكومة الإحتلال أية تحقيقات جنائية مع الجنود والضباط الإسرائيليين الذين قاموا بالقتل العمد وإعدام الفلسطينين، بل أشادت بأحد الجنود القناصة الذي قتل عدداً من الفلسطينين على مجمع عيتصيون العسكري واعتبرته بطلاً.

وذكرت الهيئة تصريحات وزيرة الثقافة الاسرائيلية التي طلبت بتغيير معايير اطلاق النار، داعية الى الاعدام الميداني بحق الفلسطينيين.

وأوضحت الهيئة أن القانون الدولي الانساني يعتبر الاعدام الميداني جريمة حرب ويحظر جميع عمليات الاعدام خارج نطاق القانون، والاعدام التعسفي والاعدام بدون محاكمة، وتكفل إعتبار هذه العمليات جرائم بموجب قوانينها الجنائية يعاقب عليها ولا يجوز التذرع بالحالات الاستثنائية.

وكذلك يحظر القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني إصدار اوامر بتنفيذ أي نوع من أنواع الإعدام خارج نطاق القانون، أو الاعدام التعسفي أو الاعدام دون محاكمة او التحريض على ذلك.

وكانت جمعية حقوق المواطن في اسرائيل قد اشارت يوم 10/12/2015 في تقريرها السنوي الى الظاهرة الاكثر خطورة، التى برزت خلال عام 2015، وهي عمليات اطلاق النار بهدف القتل التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في ظروف لم يكن فيها اي مبرر لاطلاق الرصاص وفق تعليمات اطلاق النار.

وقال تقرير الجمعية: " إنه تحت غطاء ( الوضع الأمني )، قررت الحكومة الاسرائيلية السماح للشرطة بإستخدام رصاص ( روجر ) ضد راشقي الحجارة، سواء داخل اسرائيل أو في القدس الشرقية".

وتؤكد الجمعية أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين ساهمت في كثير من الاحيان في عمليات الاعدام والقتل والتشجيع على ذلك، فقد نادى وزراء ونواب ومسؤولين في الشرطة بشكل صريح بالانتقام من منفذي عمليات الطعن أو المشتبه بهم، من خلال قتلهم وشجعوا الجمهور على حمل السلاح، وجزء كبير من وسائل الاعلام تجندت لتعزيز نهج مماثل، وأن الجهات التى من المفترض أن تراقب عمل الشرطة، أي النيابة العامة وقسم التحقيقات مع الشرطة وقفت صامتة حيال ما يجري.

وفي بيان لتسع مؤسسات لحقوق الإنسان في إسرائيل صدر عنها في 11/10/2015، اشارت أن دعوة الساسة الاسرائيليين وعناصر الشرطة والجنود الى قتل الفلسطينيين بدلا من الاعتقال، هي بمثابة استباحة للدماء.

وقال البيان: " هناك ساسة ومسؤولون في الشرطة لا يعملون على تهدئة الجو العام بل على العكس من ذلك، يدعون علنا الى قتل المشتبه بهم دون محاكمة، والى دعوة المدنيين الى حمل السلاح، وهو ما نقل على لسان ( موسي إدري ) قائد شرطة لواء القدس قائلا: " كل من يطعن اليهود أو يصيب أبرياء بأذى حكمه القتل"، وقال وزير الأمن الداخلي ( جلعاد آردان ) " أن كل ( مخرب ) عليه أن يعرف أنه لن ينجو من العملية الموشك على تنفيذها"، وقال عضو الكنيست ( يائير لبيد ) : " من يخرج سكينا او مفكا يجب اطلاق النار عليه و قتله".

والجدير ذكره أن المنظمات التي وقعت على البيان هي: جمعية حقوق المواطن في اسرائيل، امنستي انترناشيونال فرع اسرائيل و بتسيلم و مسلك و اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في اسرائيل و مركز الدفاع عن الفرد و منظمة متطوعين لحقوق الانسان و عدالة واطباء لحقوق الانسان في اسرائيل.

وكانت منظمة بتسيلم قد اصدرت بيانا اعربت فيه عن صدمتها وادانتها الشديدة للاستهانة بحياة البشر، حيث ينادي مسؤولون في الحكومة الاسرائيلية وفي سلطات اخرى بإطلاق النار لقتل الفلسطينيين المشتبه بهم واستباحة دمائهم بما في ذلك الذين لا يشكلون خطرا.

وقالت الصحفية الاسرائيلية عميرة هس ان تحقيق الجيش الاسرائيلي كشف بأن الجنود الذين قتلوا هديل الهشلمون في الخليل في 22/9/2015 وهي تعبر حاجز الدخول الى البلدة القديمة في الخليل، كان بإمكانهم ايقاف الشابة دون قتلها، حيث تم اصابتها بسبع رصاصات في الجزء العلوي من جسدها و ثلاث رصاصات في قدميها وعن مسافة 3-4 امتار.

وكان مدير عام منظمة بتسليم (حجاي العاد) قد اتهم رئيس الحكوة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات قتل ميدانية للفلسطينيين الذين تم السيطرة عليهم من قبل افراد الشرطة و الجيش و المدنيين الاسرائيليين، و قال في رسالته ان الحكومة الاسرائيلية تشجع و تمكن افراد الشرطة من ان يكونوا قضاة و جلادين وان يعدموا الفلسطينيين ميدانيا و قد اعدموا فلسطينيين ميداينا بعد ان تمت السيطرة عليهم.

وذكر مدير عام بتسيلم أن شرطي اسرائيلي قام بإطلاق الرصاص على الطفلة هديل عواد من مخيم قلنديا بعد ان وقعت على الارض كما تم اطلاق النار على ابنة خالها نورهان عواد رغم عدم قدرتها على الحركة.

وقال: إن هناك جنود قاموا بإطلاق الرصاص على الصبية اشرقت قطناني من نابلس واعدموها دون مبرر واضح.

واكد مدير عام بتسيلم ان عمليات الاعدام تأتي ضمن سياق الخطاب المتوافق لقادة اسرائيل واعضاء الكنيست، مهاجما المستشار القانوني للحكومة الذي لم يفعل شيئا لوقف عمليات القتل.

و قد طالبت مؤسستا عدالة و الضمير بالنيابة عن عائلة الشهيد فادي علون بفتح تحقيق مع افراد الشرطة الاسرائيلية في ملابسات اطلاق النار ومقتل علون يوم 4/10/2015 في القدس المحتلة الذي تم اطلاق النار عليه بعد قيام عصابة من المستوطنين المتطرفين بمطالبة شرطة الاحتلال بإطلاق النار عليه وتم ذلك، و جرى توثيق الحادثة بالفيديو الذي يظهر بشكل واضح ان الشهيد علون لم يشكل تهديدا مباشرا لأي اسرائيلي.

و قد اضافت منظمة العفو الدولية ( امنستي انترناشيونال) في بيان اصدرته يوم 1/11/2015 ان منظمة العفو الدولية توصلت الى ادلة تثبت ان بعض حوادث مقتل الفلسطينيين على ايدي عناصر القوات الاسرائيلية في الخليل كانت عبارة عن عمليات اعدام ميدانية.

و عقبت منظمة العفو الدولية على عملية اعدام عبد الله شلالدة خلال اقتحام قوات المستعربين الخاصة مستشفى الاهلي بالخليل يوم 12/11/2015 و اختطاف الجريح عزام شلالدة، ان كون عبدالله شلالدة اصيب في الرأس والجزء العلوي من الجسم فإن هذا اعدام خارج نطاق القضاء، وان عمليات القتل غير القانونية و المتعمدة بأمر من الحكومة او المسؤولين العسكريين او بتواطئهم او اذعانهم هي عمليات اعدام خارج نطاق القانون و الذي يحظر في جميع الاوقات و يعتبر جريمة بموجب القانون الدولي.

 

حرره: 
د.ز